الاثنين، 3 أكتوبر 2011

أضواء قصر ايكتي

حطت بنا الطائرة الصغيرة علي المدرج.. لم يتبق من شعاع الشمس إلا القليل، الربان الكولومبي -المعجب بتشافيز حتى الجنون- قال أن لا إضاءة علي المدرج الإسفلتي.. لذلك تطلب الأمر منه زيادة في السرعة رغم الرياح المعاكسة.

كنت رفقة حاكم إحدي ولايات الشمال النيجري لزيارة أحد حكام الجنوب الذي تسلم مهامه منذ أشهر قليلة.. سيارات الهامر السوداء اللون كانت في انتظارنا لنقلنا إلى قصر الحكم الذي اكتمل بناءه للتو ببذخ فاضح.. بفضل البترول الذي يسيل مدرارا في هذا الجزء من بلاد "اليوروبا".

بعد جولة شملت أجزاء القصر من قاعات الاحتفال ومكاتب الموظفين، كنا نرتقي الطابق تلو الآخر حتى الطابق الرابع.. وفي كل مرة نمر علي المكاتب المؤثثة وفق احدث الموديلات، وحده الرابع كان يخبأ المفاجأة التي أراد الحاكم ان يبقيها ليجعلنا مشدوهين ويثير انتباه مضيفه. مكتب الرئيس صالة كبيرة بحجم الطابق.. مع لوحة أزرار صغيرة مخفية بإحكام في احد أدراج مكتب خشبي مستطيل.. قال الحاكم الشاب: هنا بإمكاني التحكم في كل شيء: نوعية الموسيقي، درجة الحرارة المناسبة، الكاميرات.. وترك الحاكم الفرصة لمساعدته لشرح أهمية غرف النوم الملحقة وقاعات الاستراحة؛ حيث يقبل شبان علي تقديم مشروبات مثلجة لضيوف الحاكم علي امتداد ساعات النهار .

حين غادرنا المبني كان الحاكم يوصي مضيفه علي استجلاب الغزلان التي تنموا في منطقته لتركها ترعي وسط الخضرة المحيطة بقصر الحكم.

حين خرجنا من قصر الحكم هذا كانت الأضواء تلمع مثل جواهر مشعة، أما نصف عاصمة المنطقة فكان ينام وسط ظلام شديد، لأن النهضة التي بشر بها حاكم "ايكيتي" لم تتجاوز الحدائق الملاصقة لقصره الجديد الذي كلف ميزانية الدولة مائة مليون دولار فقط!.

استقبلنا الحاكم وسط صالونات بيته المؤثثة وفق الذوق الايطالي الرفيع؛ لكننا حين اقتربنا من المائدة كانت أجهزةالإنذار المعدة تثير أقصي حالات الاستنفار والخطر.

بين الصنوف الكثيرة الممتدة كان كل شيء حار وحارق وفق الذوق النيجري.. اسماك محترقة، قطع من اللحم المنقوع في الفلافل الحارة.. أما ما بدا للحظة وجيزة حلوا وباردا من تلك الاصناف المختلفة من الطعام فقد احرق لساني ومعدتي، وكلفني ليلة أرق طويلة.. ليلة لم يمحوها من الذاكرة سوي الخبر الذي قرأته قبل أسبوع باقالة حاكم ايكيتي بتهمة الفساد والظلم.. ظلم في ولايته التي أضاء قصره فيها، واظلم بقية الرعية.. وآخر بحق زوار أُحرِقـَت بطونهم علي سبيل الضيافة.

صحراء ميديا بتاريخ: 18/02/2008

http://www.saharamedias.net/smedia/index.php/2008-12-23-23-47-54/388---.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق