الاثنين، 3 أكتوبر 2011

خواطر مدريدية

مدريد لا تزال حارة، الصيف يأبي أن يحزم أمتعته.. الطاولات لاتزال مفردة علي الأرصفة وأرباب المطاعم يبيعون للسياح المتحللين من الثياب "الايس أكريم" وا"لسردين" الغارق في بحر من "زيت الزيتون".

مازال سيدي محمد ولد بوبكر أيضا سفير موريتانيا في اسبانيا، واحد القلائل الذين يصنعون الفرق حين يمثلون بلادهم في ارض الغير.

ينبش الرجل في ذاكرة الأسبان عن ما يقرب، فثقافته التاريخية الواسعة وسعيه الدءوب لتحسين لغة اسبانية تعلمها متأخرا تجعلانه يفتح من الأبواب ما كان مغلقا، خصوصا أن حروب الأمس بين ضفتي المتوسط لم تنته تماما.

الحروب تاخذ اليوم أشكالا مختلفة، بعضها اقتصادي وثقافي وديني، وقبل سنوات لوحت الحرب من جديد حين احتلت حكومة الحزب الشعبي بقيادة أزنار جزيرة ليلي المغربية، لكن اسبانيا لم تنس تاريخ حروب الأندلس.

سائق التاكسي المدريدي شك في هويتي المغربية، فالعربي والمسلم مهما كان لابد ان يكونا من المغرب ،وحين قلت له أنني من موريتانيا، أجاب باسما انه ينحدر من "الملوك الكاثوليك" الذين طردونا اخر مرة من الأندلس، فأجبته بسرعة أنني "انا الاخر منحدر من الجهة التي هزمتهم اخر مرة، نخوض فيها حربا كبيرة في سبيل قضية عادلة، واكتفي كلانا بتبادل الابتسامات لأن مشوار الرحلة لا يتسع لفتح دفاتر التاريخ.

تلك هي اسبانيا التي تستعد للرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، تتصارع فيها المصالح والهويات، وتبحث عن دور في محيط إقليمي لم تغب عنه تراكمات الماضي منذ ان ذرف "ابو عبد الله الصغير" دموعه، وهو يضيع اخر بقعة من الفردوس المفقود.

لكن العرب لم يغيبوا تماما، ففي كل يوم يدخل أسبان جدد إلي الإسلام وخصوصا في الأندلس، كما أن الأذان قد عاد إلي مرتفعات غرناطة، حيث يتربع جامع حفظ كل خصوصيات المعمار الأندلسي علي بعد عدة أمتار من الحمراء.

أما ما يبقي في ذاكرة الزائر العربي، فهو قدر كبير من الدهشة إزاء قوة الماضي في صورة الحاضر، وغصة شديدة لدي استحضار ذكريات ذلك الماضي الذي يستعصي علي النسيان.

في كل مرة أعود فيها لاسبانيا أتذكر ذلك الشاعر الذي لم يبرح ارض قريتنا قط والحسرة تأكل قلبه لأنه لم يخيم مثل ابن زيدون كما ردد علي مسامعنا أكثر من مرة في اخر ؛؛ عزباننا ؛؛ في الأندلس.

صحراء ميديا بتاريخ: 01/11/2009

http://www.saharamedias.net/smedia/index.php/2008-12-23-23-47-54/5486-2009-11-01-11-06-13.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق